«إلى الجولان».. نور يخترق الظلمة - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


«إلى الجولان».. نور يخترق الظلمة
ناصر إبراهيم - 09\08\2008
بدأ المكان برتابته في ليلة من ليالي آب يمتلئ بالقادمين، منهم مرتدياً ملابس شتوية ومنهم بلباسه الصيفي. المنصة مجهزة ومكونة من حاويات التفاح الخضراء التي تنتظر موسم القطاف القادم ومصفوفة بشكل جميل كحجارة القلاع. كانت الستائر السوداء تزيّن جانبي المنصة، تلمع وترف تلاعب النسائم، لها دلائل.
سقف المكان قبة السماء، الجالسون والواقفون صغار السن والكبار وبينهم أطفال، جميعهم ينتظرون بداية الأمسية. اعتلى المنصة شاب وفتاة وأعلنا بداية الأمسية لمغنية ملتزمة بتراثها العربي. جاء الحضور ليسمع صوتها بإمعان. تقدمت المغنية أمل مرقص ومعها الفرقة الموسيقية. صفق الجميع لهم وكانت البداية بأغنية بدون موسيقى. بدأت أمل تغني.. نسمة المرج القادمة من بين التلال بدأت تلاعب ضفائرها وترف بشالها وتلامس ملابسها الشعبية التراثية. ردت أمل شعرها عن وجهها وحيت جمهورها وتحدثت عن برد آب وأجواء المكان الجميل والطبيعة التي شاركت الجمهور ابتهاجه. كان الندى يحط بحباته على أوتار الآلات الموسيقية مرحبة تفرض نكهة خاصة على صوت الموسيقى.
معاذ كان مشغولاً بأجهزة الصوت وتقنياته. أصحاب المواقع الإلكترونية المحلية مشغولون بتغطية الفعالية. صوت أمل كان دون صدى امتد لا حواجز تحده ليصل إلى آخر مدى، يحمله الريح ويطرب الجبال والتلال مخترقاً حقول الألغام والأسلاك الشائكة ويبعث الدفء فينا ويحاكي شعورنا ومشاعرنا.
رفعت أمل يديها مشاركة الجمهور التصفيق، لوّحت له، انحت أمامه، استمرت بالغناء. غنّت للحنين والحرية، لعشاق الحرية. غنت للعنب والتفاح بين بساتين التفاح. غنت لمرج فلسطين في مرج الجولان السوري. غنت لشباب وصبايا فلسطين بين صبايا وشباب الجولان. غنت للفلاح للتراث للتاريخ في أرض الحضارات. غنت للحب للعشق للتسامح للنضال والمناضلين. غنت للأسرى وقدمت لهم التحية. ذكرت أسماء معظم أسرى الجولان وأسماء الشهداء. غنت للطبيعة. غنت للدار وأهل الدار كباراً وصغارا. غنت للنباتات والأزهار. صفق الجميع، غنوا معها، مرّ الزمن وترك ذكرى. انتهت فترة الغناء، قدمت أسماء العازفين والملحنين رفاق دربها الفني. شكرهم الجمهور، صفق لهم وقوفاً. تحدثت أمل عن صداقة أهل الجولان ومن كافة الشرائح العمرية التي تعرفت عليهم، قالت جئت إلى الجولان صغيرة، جئت اليوم، سأضل أزور الجولان حتى وأنا "ختيارة" ونحتفل معاً بتحريره عما قريب. التفتت شرقاً وتحدثت عن الشام وشوقها إليها، قالت: "الفن والثقافة والتراث الأصيل هو الأقوى وهو الذي يجمعنا بتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا ويقوي صمودنا واستمرارنا".

بسياق ذات المهرجان وفي ليلة أخرى من لياليه وبذات المكان تكررت الحالة.. وقفت المغنية ريم تلحمي على المنصة بثوبها الفلسطيني ورائحة أشجار التفاح تفوح في المكان. الأضواء تلاعب الندى راسمة مناظر جميلة على حباته المتطايرة. قالت ريم بصوت فيه حنين: "الشام بتسلم عليكن". صفق جميع الحضور بحماس. قالت: "كأني بين ذات الناس وذات الوجوه- شام الحضارة، الثقافة، الفن، الأصالة.. شام الدنيا... غنيت قبل أيام في الشام، أغني اليوم في جولان الشام. ألتقيكم على المحبة، محبتي جمعتني بكم، ساغني بدون فرقة موسيقية، منعوا عاز العود والإيقاع من القدوم من رام الله. سأغني لكن غنوا معي".
غنت ريم في الشام غنت في جولان الشام، جميل أن يجمعنا صوت يصل بيننا ذات المشاعر.
حيّت الجمهور، صفق الجمهور لها، غنى معها. انتهت هذه الأمسية. كانت جميلة مثل كل أماسي المهرجان. كل ليلة من ليالي المهرجان لها حكايتها. وللجمهور ذكريات إن كانت بالتفاعل مع الفعاليات أو ذكريات تجمع الحاضرين بعضهم مع بعض، حالة إنسانية طبيعية.
ما يجمع هو الالتقاء والارتقاء نحو فهمنا لواقعنا من خلال تجسيد ذلك بالفن والثقافة، كم نحن متعطشون لهذا؟!
هذا المهرجان محطة من المحطات المضيئة التي سيذكرها الجولان طويلاَ. كل التحية للمشاركين على هداياهم بمشاركتهم رغم كل الحواجز. كل التقدير والاحترام للمنظمين على جهودهم الملموسة.
شكراً لمؤسسة عبد المحسن القطان.
شكراً لمركز خليل السكاكيني الثقافي.
شكراً لمركز فاتح المدرس للفنون والثقافة.
شكراً لجمهور المهرجان والداعمين له.

الجولان السوري بإبداعه، بفنه، بثقافته، سيكون حاضراً في القدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، مثلما حضرت فلسطين في الشام – دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008، ولقاء بعد لقاء...

عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا